ألقى العلَّامة السيِّد علي فضل الله كلمة في الاحتفال العاشورائي الَّذي أقيم في حسينيَّة مركز أهل البيت (ع) في سرعين التحتا في البقاع، بدعوة من الحاج أبو حسين الحلباوي، في حضور حشد من الفاعليات الدينية والسياسية والعسكرية والبلدية والعشائرية والاختيارية والثقافية والاجتماعية والشعبية، واعرب في بدايتها عن اعتزازه لوجوده في هذه البلدة العزيزة ومع هذه الوجوه الطيبة وفي هذا المكان الّذي أسّس على دعائم الوحدة، ولكي يكون عنواناً للتلاقي والتواصل والحوار بين أبناء هذه المنطقة مع كلِّ تنوعاتهم الدينية والمذهبية والسياسية.
وقال: نلتقي مجددا في هذا المجلس المبارك في هذه الذكرى التي تتجدّد في كل عام لتعود بنا الذاكرة إلى كل تلك التضحيات الجسام التي بذلها الحسين(ع) وأصحابه وأهل بيته، وإلى كل الدماء الزاكية التي نزفت على أرض كربلاء، وإلى كلّ أولئك الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه مع الله عهده، وبذلوا لأجله أغلى ما عندهم.
وأضاف :إننا نحيي عاشوراء لنعبّر عن مشاعرنا وعواطفنا وحبّنا للحسين وأصحابه وأهل بيته، من جهة، ولنقتدي بكل ما حملوه من قيم ومعاني تستنهض فينا كل عناصر الثورة والتمرد على الفساد والمنكر والباطل مشيرا إلى اننا نريد من عاشوراء كلّ ذلك، نريد منها حبّاً وعاطفةً وتعظيماً وتقديراً وتمجيداً لمن قدّم كلّ تلك التّضحيات الجسام، لا لأجل مجد شخصٍ وهدفٍ ذاتيّ، بل من أجلنا، حتى يبقى الإسلام نقيّاً صافياً، ونكون أمّة حيّة فاعلة حاضرة في كلّ ميادين الحقّ والعدل والعزة وليست صدى او بقرة حلوب للاخرين.
وتابع: فنحن نستعيد عاشوراء حتى نعيشها في أنفسنا، لنرى من خلالها أين نحن من رضا الله ومن الحقّ والعدل، ومن كلّ ما حرص عليه الحسين في كربلاء لذلك علينا ان نقوم بجردة حساب بعد انتهاء عاشوراء ماذا استفدنا من كلماتها وشعاراتها واهدافها وهل استطعنا ان نحركها في مفاصل واقعنا وندخلها في معالم حياتنا ونعكسها عملا على مختلف المستويات.
وشدد سماحته على ضرورة أن نخرج من عاشوراء بعقليّة المصلحين والتّغييريّين، بعقليّة الرافضين لكلّ فساد وانحراف، بأن لا نقبل فساداً وظلماً وانحرافاً، وأن لا نجامل الفاسدين والظالمين والمنحرفين، أن لا نؤيّدهم ولا نبرّر أفعالهم. فالفساد والانحراف والباطل والاحتلال والظّلم كل لا يتجزّأ، لا فرق في ذلك بين ظلم التاريخ وظلم الحاضر أو فساد التّاريخ وفساد الحاضر، هو واحد.
وحث على أن نبدأ التغير من أنفسنا؛ أن نغربل أفكارنا.. كلماتنا.. مواقفنا..تعاملنا مع الآخرين، وليعمل كلّ واحد منّا، حسب قدراته وظروفه ودوره على أن يبدأ بالإصلاح في بيته، في حيّه، في قريته، في مواقع عمله، امتداداً إلى العمل لإصلاح أوطاننا والعالم، وهذا مدخل الإصلاح وهكذا نترجم اهداف عاشوراء على أرض الواقع.
واشاد سماحته بهذة المنطقة التي تقدم الشهداء على ارض الوطن دفاعا عن سيادته وعزة إنسانه مقدرا ما تقوم به المقاومة في وجه الاعتداءات الصهيونية ضد هذا الوطن وقراه داعيا إلى ضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنية وعلى كل مواقع القوة والبدء بعملية حوار منتجة تقود لانتخاب رئيس للجمهورية.
ووجه سماحته كل التحايا لاهل غزة ومقاومتها البطلة التي تسطر اروع النماذج في الفداء والتضحية والقوة وتجسد كربلاء باهدافها ومنطلقاتها على أرضها معبرا عن اعتزازه حيال كل ما يقدمه الشعب الفلسطيني من تضحيات في المرحلة التي قلّ فيها الناصر والمعين، ونرى في صموده أنموذجاً حياً لكل الشعوب، وخصوصاً بعد فشل العدو أمام مقاومته...