حاضر العلامة السيد علي فضل الله في المجلس العاشورائي الذي يقام في حسينية بلدة بنهران في الكورة بحضور نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الدكتور ماهر حسين وعدد من الشخصيات الاجتماعية والدينية والحزبية والثقافية والشعبية.
في بداية كلمته عبر سماحته عن اعتزازه وسروره لوجوده في هذه المنطقة العزيزة على قلبه وقلب المرجع الراحل فضل الله(رض)، فنحن في كل سنة نجتمع في هذه المناسبة الأليمة لنستعيد فيها الحزن على الذين بذلوا التضحيات وقدموا الدماء من أجل ان نعيش حياتنا بكرامة وعزة وعدالة مشيرا إلى العلاقة المتينة التي ربطته بفاعليات هذه القرية وأبنائها الطيبين مشيدا بالوحدة والمحبة والتضامن بين مكوناتها ومع محيطها المتنوع متوجها إلى أهلها بالقول: حافظوا على هذه الوحدة وعلى هذا النموذج ولا تسمحوا لاحد أن يدخل بينكم ليخربها...
وأضاف سماحته: مسؤوليتنا في هذا الوطن ان نمد جسور التواصل مع الذين نعيش معهم، فنحن توعدنا أن نستحضر كل أدوات الخلاف والصراع بدلا من التطلع إلى القواسم المشتركة التي تجمعنا، مشيرا إلى أننا نلتقي على القيم الإنسانية والأخلاقية لذلك تعالوا نعمل سويا على إزالة كل الهواجس التي يُراد لها أن تصنع بيننا حواجز أو تكون علاقاتنا مبنية على المصالح الخاصة التي قد تتبدل وتتغير حسب الظروف أو علاقات مبنية على الصراع على المواقع السياسية والحصص والتي تسمح للخارج ان ينفذ من خلالها للعب بواقع هذا الوطن.
وأكد سماحته اننا لا نريد الانفتاح والتعايش الشكلي أو مشهد المجاملات في المناسبات وما أكثر الذين ينافقون ويتكاذبون ويطلقون كلمات الحوار والتواصل والتلاقي فتراهم عندما يرجعون إلى قواعدهم واطرهم الخاصة تتبخر كل مفرداتهم داعيا إلى أن تتحول هذه الشعارات والمفردات إلى رؤية وطنية إنسانية عندها يشعر المسلم بالألم المسيحي ويشعر المسيحي بوجع المسلم ويتساوى الجميع بالمواطنة التي ترتقي بهذا الوطن وتنقذه من أزماته التي يعيشها.
ورأى أن الوطن لا يمكن أن يبنى بالتنازع على غنائمه وتحويله إلى قطع وحصص وطوائف وكل منها تتربص بالأخرى ولا يبنى بعقلية التفرد والاستئثار بل بعقلية الشورى والتوحد في مواجهة كل ألوان الفساد المستشري في هذا الوطن...
واعتبر أن الحسين(ع) كان صاحب مشروع تغييري في وجه كل الفاسدين لذلك لن نكون مخلصين له عندما نسكت عن فاسد أو نشارك بفساد مشيرا إلى أن مشكلتنا في هذا الوطن أننا تأقلمنا مع كل هذا الواقع الفاسد حتى صرنا نبرره إذا كان الفاسد من طائفتنا او مذهبنا أو حزبنا حتى وصل الأمر إلى وضع الخطوط الحمراء حماية لهؤلاء الفاسدين والمفسدين.
ودعا سماحته إلى ضرورة توسيع دائرة عاشوراء وتنقيتها من كل الشوائب التي تثير الحساسيات والانقسامات فعاشوراء ليست لمذهب أو طائفة بل هي للإنسانية جمعاء والمهم ان نتشارك فيها بالحضور معا لأنها تحمل قيم الحرية والعدالة والعزة ومن هنا ومن على هذا المنبر نحيي المبادرة التي أطلقتها دار الفتوى لإحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين(ع) وندعو الجميع إلى أن يفكروا بهذا الأسلوب لاسيما في ظل ما تتعرض له الأديان الان من مؤامرات لضرب قيمها واسقاطها وهو ما تجلى في عمليات الإساءة المتكررة للقرآن الكريم.