فجر اليوم وعلى حاجز الجلمة شمال جنين اشتبك شابان مع جنود الاحتلال في تمام الثالثة ما قبل الفجر عبد الرحمن هاني عابد وأحمد أيمن عابد وهما أبناء خالة، في الثالثة والعشرين، ولدا في نفس العام، وتعاهدا على صداقة أبدية، ولكن ما لم نعرفه مسبقا أن هناك صديق ثالث غاب قبل أشهر.
لقد استشهد شوكت عابد قبل أشهر في اقتحام لبلدة كفر دان، وكان استشهاده حسرة في قلب صديقيه، بل كان آخر زيارة لهما هي زيارة لقبر شوكت ولم تكن العائلة تعرف أنها زيارة مودع.
وهكذا كان رحيلهما رحيل واحد مشرف يليق بما أقسما عليه، في ذكرى أوسلو صفعة جديدة في وجه الورق الموقع على الاستسلام، بأن هناك من لا يستسلم.
اشتباك ما قبل الفجر أسفر عنه مقتل ضابط صهيوني، قام به أحمد عابد وهو أحد أفراد جهاز الاستخبارات، والذي أقسم يوما بالله العظيم أن يكون مخلصا للوطن والشعب وأن يدافع عنهم بدمائه وسلاحه، وها هو يبر بالقسم.
أما هاني رفيقه وابن عمه فهو مزارع يعرف الأرض وتعرفه، فكان دليل رفيقه في تنفيذ خطة محكمة الاتقان على حاجز جلمة، قبل أن يرتقيا.
نودي الأب بعد ساعات للتعرف على جثمان عبد الرحمن وابن خاله، في الخامسة والنصف فجرا، زيارة لم تكن خاطفة قال فيها الأب :" جاءتني مكالمة من جندي إسرائيلي، سألني عن أولادي بالأسماء، ثم سأل عن عبود، وقال لي تعال على محسوم الجلمة، لنريك شيئا"
وهناك يكتمل المشهد الذي تحدث عنه الأب:" أراني صورة عبود وهاني، عبود مصاب بالرأس وهاني بالعنق، تركني أكثر من ساعتين أنتظر في غرفة وأنا في غاية القلق، سألني عن أصحاب ابني، ولم يعطيني حق رؤيته ولا الدخول إلى حيث يرقد هو وابن خاله" .
" حاول الجندي أن يلعب بأعصابي، قبل أن يخبرني بأن ابني قد مات، تحقيق كامل عن أسماء أصحابه، وتوجهاته السياسية، قبل أن يريني صورة الشهيدين على الجوال " هكذا قال الأب المكلوم.
أما أيمن عابد والد الشهيد هاني لم يبلغ من أي جهة رسمية، ولم يصله اتصال من جندي أو ضابط، عرف عن طريق وسائل التواصل بأن هاني قد استشهد، وقال إن آخر مرة رآى فيها ابنه في الأمس ، في تمام الثامنة مساء، تناول معه وجبة العشاء وسهر معه في بيت جديه، وأكمل سهرته يتابع مباراة كرة قدم مع أقرانه .
مر هاني على جده وهو خارج، وسلم عليه، بكل طبيعية وأريحية، لم تكن هناك أي ملامح أو تغير أو ظهور أي نية للقيام بأي عملية.
ويضيف والد هاني:" لقد صدم هاني وعبد الرحمن باستشهاد رفيقهما شوكت عابد قبل أشهر، الاحتلال لا يعرف كم حجم القهر الذي يكبر في صدور أبناءنا كلما ارتقى شهيد يعرفونه.
ويتابع: هذا الاحتلال يجب أن يعرف أن من حق أبناءنا أن يعيشوا، ويحلموا، ويتزوجوا، ويلعبوا، لقد كان ابني وابن عمته من أكثر الشباب حبا لكرة القدم وممارسة لها، لماذا يصادر الاحتلال حقه بالعيش والحرية؟!"
صودرت جثامين الشهيدين، كما صودرت جثامين 105 شهيد قبلهما، فيما صب الاحتلال كل غضبه على المدينة، تفتيشا ومصادرة وتخريبا وبحثا عن الكاميرات التي يمكن أن تكون دليلا لإدانة جثامين الشهداء.
يذكر أن الشهيدان من كفردان وهي بلدة فلسطينية تابعة لمحافظة جنين.
في حين أعترف جيش العدو بمقتل ضابط في تبادل لإطلاق النار مع مقاومين فلسطينيين قرب حاجز الجلمة العسكري، المعبر الشمالي لمنطقة جنين من داخل الخط الأخضر. علما بأن هذه العملية البطولية تأت في وقت ترأّس فيه رئيس حكومة العدو يائير لبيد اجتماعا مع قادة الجيش والأجهزة الأمنية لتقييم الموقف الأمني، الذي اعترفت مصادر صهيونية أنه يسير نحو المزيد من التصعيد.
المصدر: الرسالة نت