"مقبرة ابن مروان التاريخية".. الاسم ليس هيناً على كافة أهالي الشجاعية شرق مدينة غزة، كون أن أمهاتهم وآباءهم وشهداءهم قد دُفنوا في تلك المقبرة التي تعني لهم الكثير، وتُشكل لهم حرمة ومكانة مميزة، إلا أن الصدمة الكبرى كانت لحظة الإعلان عن انتهاك حرمة الأموات في تلك المقبرة تحت ما يسمى " بالمصلحة العامة"، ببناء "كوبري أو جسر الشجاعية" لتكون أعينهم معلقة حول مصير جثث موتاهم، وتبقى القضية قاب قوسين أو أدنى، وخاصةً أن القائمين على المشروع قد حسموا أمرهم، ووضعوا العلامات على القبور التي سيتم إزالتها.
ففي أكتوبر الماضي 2021، أعلنت وزارة الأشغال والإسكان في قطاع غزة رسمياً بدء التصاميم التفصيلية لمشروع "جسر الشجاعية" المزمع إنشاؤه شرق غزة ضمن المنحة المصرية، حيث سيربط الجسر شمال شارع صلاح الدين بجنوبه، بطول (500) متر، وعرض (14) مترا بشكل أولى.
مع المصلحة وليس على حسابنا
"المصلحة العامة ليست على حسابنا ولكن نحن مع البدائل".. كلمات نطق بها أهالي الموتى والشهداء في مقبرة ابن مروان"، حيث قال المواطن إيهاب مرتجى:"إن الجهات المشرفة على بناء جسر الشجاعية قامت بوضع علامات (X) على عدد من المقابر بينها قبر لطفل تم دفنه قبل عشرة أشهر، لمسافة تقدر بـ18 متر من السور باتجاه الغرب، وذلك تمهيدًا لإزالتها حال تم بدء المشروع."
وقال مرتجى: لـ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية": "إن عائلات المتوفين رفضوا هذا المشروع كونه غير واضح المعالم جملةً وتفصيلاً"، مشيرًا إلى أنهم تواصلوا مع وزارة الأشغال لعقد اجتماع مع الوكيل ناجي سرحان لبحث الأمر، وحتى الآن لم يتم عقده.
وأضاف:"إن العائلات رفضت أيضاً التوقيع على عريضة قدمها شخص بعد أن قدم نفسه كمندوب من وزارة الأشغال يدعوهم للتوقيع عليها، وتنص على التعهد على الموافقة لنقل قبور الموتى إلى مكان آخر بإشراف وزارة الأوقاف."
القضاء بيننا
وضمن الإجراءات التي اتخذتها العائلات، أوضح مرتجى، أن العائلات المتضررة من إزالة القبور توجهوا إلى محكمة القضاء بغزة وحصلت على قرار يُلزم وزارتي الأشغال والأوقاف بتقديم تفاصيل كاملة عن المشروع، مع الاحتفاظ بحق الاعتراض على هذا المشروع، مؤكدًا أنه لم يتم الاطلاع على تفاصيل مخطط الجسر كاملة حتى اللحظة.
نحن مع البدائل
وقدَم المواطن والمخول بالحديث باسم العائلات المتضررة من إزالة القبور، إلى الجهات المعنية، بدائل أخرى عن المشروع المطروح في بناء الجسر الجديد، منها إزالة التعديات وسوق البسطات المؤقت وتطوير موقف السيارات، ضمن إطار إيجاد حلول لأزمة المرور الخانقة.
ويربط الجسر شمال شارع صلاح الدين بجنوبه، بطول 500 متر وبعرض 14.8 متر بشكل أولي وعملية الإنشاء تتطلب مساحة واسعة وتوسيع الشارع، حيث سيكون هناك إجراءات يمكن أن تُغير من معالم الشارع، ويأتي المشروع ضمن المنحة المصرية.
لا تجاوب من الأوقاف
وحاول مراسل "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" الاتصال مع مسؤولين في وزارة الأوقاف بغزة لفهم حقيقة ما يجري والإجراءات التي ستتخذها حيال تنفيذ المشروع؛ لكن الأخير لم يستجب لاتصالات المراسل.
من جهته، أوضح وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان بغزة ناجي سرحان، في تصريحات صحفية، أن "هناك عدة سيناريوهات ودراسات مطروحة لبناء جسر الشجاعية"، مؤكدًا أن ما تقتضيه المصلحة العامة يتم العمل به.
الخيارات متعددة
وقال سرحان: "إن الشارع المؤدي لمفرق الشجاعية لا يفي بالغرض في حال بناء جسر الشجاعية، وبالتالي هناك عدة سيناريوهات مطروحة أحدها توسعة الشارع باتجاه مقبرة ابن مروان "، مشيرًا إلى أن "الأمور ليست توتيرية كما يعتقد بعض الناس".
واستطرد سرحان، أن "خيار التوسعة على حساب المقبرة يستهدف 15 متراً منها"، مؤكدًا على "العمل بالحد الأدنى والحرص نظراً لحرمة المقابر التي يأخذوها بعين الاعتبار".
وتابع: "الخيارات عديدة في حال بناء الجسر منها نقل القبور أو خيار وضع الجسر فوق المقبرة على أعمدة أو إلغاء الجسر"، منوهًا إلى أن كلها خيارات تحت الدراسات.
وأردف سرحان: "ونضع أولويات للسيناريوهات المتوقعة ونرتبها ويتم وضعها بين أيدي المسؤولين ليتم اتخاذ قرار"، منوهًا إلى أن وزارة الأشغال بغزة أحياناً تضطر للسير في سيناريو أكثر تكلفة بمقابل أن نرضي الجميع".
وأكمل سرحان: "شكلنا لجنة من الوزارات المختصة (الأوقاف مع المواصلات مع البلدية مع الحكم المحلي مع لجان الأحياء) وتم حصر القبور المتضررة من بناء الجسر وتم التواصل مع لجان الأحياء في الموضوع وما تزال اللجنة تعمل مع الأهالي".
وأكد سرحان على أن: "الجسر لم يصمم حتى اللحظة وكل الخيارات ما تزال تحت الدراسات وبانتظار النتيجة"، مضيفًا "نعمل على أخذ المصلحة العامة بالموضوع مع مراعاة كل المحاذير الموجودة من جميع الجهات ومن أبناء شعبنا".
وواصل سرحان أن "بداية العمل ببناء الجسر مرهونة بالمصريين وأنه نهاية الشهر الحالي سيتم الانتهاء من الدراسات وترتيب السيناريوهات".
المصدر: فلسطين اليوم