أطلق أهالي قرية المراح السورية، في ريف دمشق، مهرجانهم السنوي احتفالا ببدء موسم قطاف الوردة الشامية التي تم تصنيفها في 2019 ضمن قائمة التراث الإنساني اللامادي لمنظمة اليونيسكو.
منذ الصباح الباكر، وهو الوقت الأفضل لقطاف الورود، انتشر أهالي المراح وهم يحملون سلالهم في حقول قريتهم ليباشروا عمليات قطاف الوردة الشامية، في مشهد يشبه إلى حد بعيد لوحة انطباعية من القرن التاسع عشر.
استقبل المراحيون ضيوف المهرجان بتقديم الأزهار التي تم قطفها من شجيراتها حديثا، إلى جانب كؤوس شراب الورد، وجالوا معهم في الحقول ضمن طقس احتفالي رددوا خلاله قصة وردتهم التي تحولت من زهرة غاية في البهاء، لتغدو محصولاً تجاريا وعطراً وغذاء ودواء.
محافظ ريف دمشق، معتز أبو النصر جمران، قال إن المحافظة تعمل بالتنسيق مع الأمانة السورية للتنمية وجمعية المراح للوردة الشامية والمجتمع الأهلي للنهوض والتوسع بزراعة الوردة عبر استصلاح مساحة كبيرة من الأراضي في منطقة القلمون، لافتاً إلى أن المساحة المستصلحة بلغت نحو 5 آلاف دونم، مشيرا إلى العمل على فتح أسواق إضافية لها.
وتزرع الوردة الشامية الآن في سوريا بكميات كبيرة ويصنع منها أفخر أنواع العطور، حيث يباع الكيلو غرام من زيت الورد بحوالي 70 ألف دولار.
وحضر مهرجان القطاف وزير الزراعة السوري محمد حسان قطنا، وعدد كبير من المسؤولين والنواب السوريين وسفير كوبيا في دمشق ميغيل بورتو بارغا.
قالت ريم الإبراهيم، مسؤولة برنامج التراث الحي في الأمانة السورية للتنمية، لـ "سبوتنيك": إن مهرجان الوردة الشامية طقس سنوي يقام في نيسان مع بدء جني الموسم في قرية المراح وقرى القلمون، مشيرة إلى أن الدولة السورية ملتزمة بخطة تطوير متكاملة تشمل سلسلة إنتاج الوردة الشامية، ويتم رفع تقارير دورية إلى اليونسكو بهذا الخصوص.
وأضافت الإبراهيم أن الخطط الموضوعة تلحظ تذليل العقبات التي يمكن أن تواجه تنمية زراعة الوردة الشامية في مجتمعها المحلي، إلى جانب صون الهوية التراثية، مشيرة إلى أن الظروف البيئة وشح الأمطار لهذا العام، إلى جانب انتشار آفة حشرية، كرست جملة من التحديات أمام المزارعين وأخرت موسم القطاف.
وتعد قرية المراح التي تبعد نحو ستين كم شمال شرق دمشق، من أشهر مناطق زراعة الوردة الشامية، ومن أولى القرى التي تعمل على الحفاظ عليها كونها كنزاً حقيقياً حقق شهرة عالمية جعلتها سفيرة دمشق الى العالم.
ويقول قصي محمد جمال عباس، وهو مزارع وتاجر وردة شامية: نصنع منتجات الورد، ومادتنا الأساسية هي ماء الورد الذي يستحرج منه جملة من المنتجات التجميلية والغذائية الأخرى.
من جهته نوه عمر كسيبي، تاجر وردة شامية، بالمساعدة التي تقدمها المؤسسات الحكومية في سوريا لتسهيل إنتاج وتسويق الوردة الشامية، فيما أشار المهندس عباس عباس، مزارع وردة شامية، إلى أن قريته المراح حباها الله بتضاريس ومناخ مناسب لزراعة الوردة الشامية، مشيرا إلى أن جميع أهالي القرية باتوا يعتمدون على إنتاجها في حياتهم، مشيرا إلى تطور الخبرات الزراعية بما انعكس بشكل أفضل على المردودية.
وحظيت هذه الوردة، واسمها العلمي "روزا دامسينا"، بالتخليد عبر قصائد الشعر قديما وحديثا، إذ لقبتها الشاعرة الاغريقية سافو بـ "ملكة الازهار"، فيما ذكرها الكاتب البريطاني الشهير وليم شكسبير في احدى مسرحياته قائلا "جميلة كجمال وردة دمشق"، وهي تتمتع بفوائد طبية وعطرية وغذائية وتجميلية استثنائية، ويتم قطافها ضمن طقس سنوي بديع.
المصدر: سبوتنيك