في إطار فعاليات المؤتمر التربوي الثلاثين، أقامت جمعية المبرّات الخيرية ندوة تربوية متخصصة تحت عنوان: "المؤسسة التربوية في صلب الأزمات وما بعدها: تحوّلات ورؤى"، ناقشت فيها أوضاع المؤسسات التربوية في ظل الأزمات التي نعيشها، وذلك بحضور فاعليات تربوية واجتماعية وأكاديمية.
أدارت الندوة أمينة المؤتمر آيات نور الدين التي توقفت عند "الآثار الكبيرة التي خلفها فايروس كورونا في مختلف المجالات ولا سيما التربوية منها، مشيرة إلى أن "هذا الواقع دفع الباحثين إلى رصد هذه الظاهرة وإعداد آلاف الدراسات والأبحاث العلمية".
وطرحت سؤالاً إشكالياً يتعلق "بكيفية النجاة كأفراد تربويين ومؤسسات تربوية من الواقع الحالي، وكيف يمكن أن تكون المؤسسة التربوية نقطة إشعاع لبث التفاؤل لمن فيها وحولها"
صمود المؤسسة
أولى المداخلات في الندوة، ألقتها أستاذة التربية في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتورة لينا خليل، تمحورت حول "بيئة المؤسسة ومناخها ودورهما في صمود المؤسسة التربوية في الأزمات"، مشددة على "أهمية تطابق ثقافة المؤسسة وقيمها مع ثقافة العاملين وقيمهم، فضلاً عن أهمية تجسيد القيم سلوكياً عند العاملين".
وأولت أهمية لأن "تكون المؤسسة محاورة تعتمد الحوار الصريح والإيجابي وأن تكون منفتحة على كل فئات المجتمع، تعمل على بناء معلوماتها على أسس صحيحة، توثق شؤونها وتجاربها للاستفادة منها لاحقاً وتحافظ على شروط البقاء للعاملين فيها خلال الأزمات."
التعليم خلال وما بعد الأزمات
المداخلة الثانية كانت لعميد كليّة التربية في الجامعة اللبنانيّة الدكتور خليل الجمّال حول "التعليم ما قبل الجامعي والجامعي خلال الأزمات وما بعدها"، اعتبر فيها أن " ما بعد كورونا ليس كما قبل كورونا، لدينا مفاهيم تربوية وإدارية كثيرة يجب إعادة النظر فيها والعمل على بنائها".
وأشار إلى "ضرورة إعادة النظر في المناهج المدرسية والجامعية والعمل على بنائها من جديد "، لافتاً إلى ضرورة " أن يكون المتعلم دائم التعلم، لأن هناك أشياء كثيرة لم يتعلمها في الجامعة. ويجب أن تكون عملية التعلم مستمرة، وأن يكون هناك حاجة دائمة عند المتعلم لتطوير مهاراته وقدراته وقابلياته، هذه مسؤولية شخصية، وهناك مسؤولية أيضاً على المؤسسة التي يجب أن تعمل على تأسيس التنمية المهنية فيها".
الدعم النفس التربوي ما بعد الأزمات
المداخلة الثالثة كانت لرئيسة قسم العلوم الاجتماعيّة والسلوكيّة في جامعة هايكازيان الدكتورة حنين الحوت تحدثت فيها عن:" الدعم النفسي التربوي في المؤسسة التربوية ما بعد الأزمات". ولفتت إلى أن:" تلاطم الأزمات أصاب كل طبقات المؤسسة العامودية والأفقية، وأن أفراد المؤسسة بحاجة اليوم إلى الدعم النفسي والمعنوي، وعلى المؤسسة أن تكون إيجابية في هذا الجانب".
وشددت على:" أهمية أن يتلقى المعلمون والمشرفون الرعائيون الذين يحتكون مع أسر الايتام، خدمات الدعم النفسي أيضاً، مشيرة إلى أهمية " تأسيس مجموعات دعم طلابية،بدءاً من صفوف الثالث السنوي، تعمل على مساندة المراحل الأدنى، فيشعر الطلاب أنهم يتشاركون معاً خلال الأزمات".
حلقة نقاش
بعد الانتهاء من عرض المداخلات للباحثين التربويين، كانت أسئلة من المشاركين
تولى الإجابة عنها كل من نائب المدير العام للتربية والتعليم الأستاذة رنا إسماعيل، منسّق مديرية الشؤون الرعائيّة الأستاذ إبراهيم علاء الدين، المشرف الديني العام د. جعفر فضل الله، خبير أنظمة الجودة وعضو الهيئة الإداريّة في المبرّات الأستاذ محمد فوّاز.
إسماعيل
أوضحت الأستاذة رنا إسماعيل في مداخلتها رداً على استفسارات حول المسارات التي تعتمدها مدارس المبرات هذا العام أن " المسارات التعليمية أعلنتها المبرات منذ صيف العام 2020، وهي تعطي الأولية للتعليم الحضوري، ولم يتم استثناء أي مسار، تم إلغاء تقسيم الفئات بين الطلاب ولكن الدمج بين الحضوري والتكنولوجيا قائم في مدارس المبرات ما بين 4 أيام حضوري ويوم أونلاين، والمنصة التعليمية موجودة لتسهيل كل الأمور".
ولفتت إسماعيل إلى أهمية الأفكار التي طرحها المؤتمر، مشيرة إلى أن " المبرّات وقبل جائحة كورونا تبنت المنحى الوقائي النمائي، واعتمدت التعليم العاطفي الاجتماعي كمنهج، ويفترض أن لا يطبق على المتعلمين فحسب، بل يجب ان يطال المعلمين أيضاً".
علاء الدين
إلى ذلك، أكد منسّق مديرية الشؤون الرعائيّة إبراهيم علاء الدين " استمرار المؤسسات الرعائية في رعاية الايتام رعاية شاملة ومتكاملة"، مشيراً إلى أن " الضمان الأساس لاستمرار العمل الرعائي في المبرات هو فريق العمل المتفاني الذي يؤدي عمله بإخلاص مهما اشتدت الأزمات".
وأشار علاء الدين إلى أن " الاحتضان تجسد في الأزمات على مدى عامين من خلال تنقل فرق الإشراف الرعائي بين بيوت الأيتام في مختلف المناطق اللبنانية".
وأعلن علاء الدين عن اقتراب إطلاق المنصة الإلكترونية الرعائية الخاصة بأبناء المبرات بالتعاون مع وحدة تكنولوجيا المعلومات بهدف العمل أكثر على البرامج الخاصة بالأقسام الرعائية وفي مقدمها برنامج " زادي نحو حياة أفضل".
فواز
من جهته، أكد الأستاذ محمد فوّاز على أهمية " التوثيق في زمن الازمات من أجل تسجيل الدروس والاستفادة منها وتعليمها للآخرين سواء الأخطاء أو النجاحات"، مشيراً إلى أنه: " خلال الأزمات تحدد الاعمال الأساسية لاستمرار العمل ولا بد من تحديدها منذ بداية الأزمة، الامر الذي يضمن استمرار المؤسسة".
وشدد على أهمية " ضمان استمرار التواصل في المؤسسة بين الكادر العامل والأهل والطلاب لتنظيم العمل خلال الأزمات".
المشرف الديني العام
من جهته المشرف الديني د. جعفر فضل الله دعا إلى " تفعيل القيم الإسلامية الحقيقة على مستوى حياتنا، وفي مقدمها الزهد والصبر لمواجهة الازمات، والرجوع إلى التاريخ الذي يحكي قصص الأنبياء والائمة مع الأزمات".
ودعا إلى "التخفيف من الحديث عن السلبيات التي نعيشها والتي تفقدنا الشعور بالانتماء" مشدداً على أهمية " المجتمع الايماني المتكافل والمتضامن الذي يسند بعضه بعضاً، فيكون القوة لكل واحد يعاني من ضعف"