كرَّم رئيس جامعة القدس المفتوحة، أ. د. يونس عمرو، ابنة الجامعة الطالبة المجتهدة الضريرة حسناء عبد الله عمر (18 عاماً) من ضاحية شويكة في طولكرم، على إبداعها في إجادة عدة لغات، من بينها الكردية والتركية والألمانية، وحفظ أجزاء من القرآن الكريم وتجويده رغم إعاقتها البصرية.
وقال أ. د. يونس عمرو، خلال حفل التكريم الذي أقيم في مكتبه في رام الله، إنَّ الطالبة حسناء عمر التي تدرس اللغة العربية في الجامعة تمتلك إرادة كبرى أوصلتها إلى العبقرية، والجامعة سترعى كلّ مواهب الطلبة.
وهنَّأ أسرتها على أن رزقهم الله بابنة تتحلَّى بكل هذه المواهب، وقال: "رغم فقدان البصر، فقد عوَّضها الله بالبصيرة"، مشيراً إلى وجود مواهب عديدة من بين طلبة القدس المفتوحة.
وأوضح أ. د. عمرو أنَّ الجامعة حريصة على تقديم كل الإمكانيات للطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتوفير مبانٍ ملائمة خاصة من أجل تقديم أفضل تعليم لهم، كما تتوافر في عدد من فروع الجامعة مختبرات للمكفوفين.
من جانبها، شكرت الطالبة عمر جامعة القدس المفتوحة، وعلى رأسها رئيس الجامعة، على هذا التكريم، وأكّدت أنها ستكون سفيرة للجامعة في مختلف المحافل، فهي بنت "القدس المفتوحة"، وستواصل التعل~م والعمل من أجل تحقيق مزيد من النجاحات، وقد تحدثت للرئيس الكردستاني الذي التقته حديثاً خلال زيارة لها إلى كردستان عن دور جامعتها في دعمها.
وقالت إنها تعلَّمت اللغات ذاتياً عن طريق التلفاز، وهي تهوى الغناء والعزف والدبكة الشعبية، وألَّفت ولحنت العديد من الأغاني الوطنية، كما أنها تجيد الكتابة، وبخاصَّة الأشعار والخواطر، لتتحوَّل إلى موهبة بكل ما في الكلمة من معنى.
تصرّ حسناء التي مُنحت لقب "سفيرة النوايا الحسنة للقدس المفتوحة" على تحدي الإعاقة البصرية، التي لم ولن تحول دون تحقيق حلمها بالتفوق والنجاح في حياتها التعليمية والشخصية، حيث رافقتها الصعاب منذ ولادتها بعملية زراعة بعد 18 عاماً من زواج والديها، ووفاة أخوين لها أثناء الولادة.
ورغم الصدمة القاسية التي لازمتها جراء فقدان بصرها وآثاره التي تداهم حياتها، فإنها سرعان ما استعادت زمام القوة، لتصر على أن تواصل مشوار حياتها وكسر الحواجز، فتغادر منزلها في ضاحية شويكة في مدينة طولكرم كل يوم من دون خوف أو خجل، لتنتظم على مقاعد الدراسة الجامعية في فرع جامعة القدس المفتوحة في طولكرم في عامها الأول في كلية الآداب.
وتؤكّد حسناء أنَّ "الإعاقة لا تلغي الطاقة، وأن ذوي الاحتياجات الخاصة يمتلكون مواهب وقدرات وإمكانات يعجز عنها الأشخاص العاديون"، وبذلك تتحدّى ظروف إعاقتها، وتثبت أنها قادرة على التغيير والإبداع، وأن الإعاقة لا تحول بين الإنسان والتأثير الإيجابي ما دام يتمتع بالعزيمة والإرادة.
مع بداية العام الجاري، حالف الحظ حسناء واقتادها نحو تحقيق حلمها بزيارة كردستان العراق، وذلك بعد رسالة مصوّرة لها وجّهتها عبر قناتها على "يوتيوب" إلى الرئيس برزاني، وهو حلم لطالما راودها منذ نعومة أظفارها، فوصلت رسالتها إلى مدير مكتب التشريفات للرئيس برزاني، الذي أمر بدعوتها عبر القنوات الرسمية لزيارة كردستان، ليكون لها ما أرادت، فحظيت باستقبال رسمي وشعبي من قبل مدير مكتب الرئيس برزاني والسفير الفلسطيني هناك، إضافة إلى المثقفين والفنانين والشعب الكردستاني، كما اهتمت وسائل الإعلام والفضائيات الكردستانية اهتماماً كبيراً بها، نظراً إلى مواهبها وقدراتها العالية، ذلك أنَّ حسناء تتقن اللغة الكردستانية بطلاقة، وتجيد الغناء باللغة نفسها، ولم تتوقف مواهب حسناء عند إتقان اللغة الكردستانية والغناء بها فقط، فهي إضافة إلى ذلك تجيد اللغتين الألمانية والإنجليزية بطلاقة، ولها معرفة جيدة باللغات التركية والسويدية والعبرية.
كانت فرحة حسناء الكبيرة منذ اللحظة الأولى التي تمكَّنت فيها من التحاقها بجامعة القدس المفتوحة، تقول: "ألغيت من حياتي وعقلي كلمات إعاقة ويأس ومعاناة، وقرَّرت أن تكون لي شخصيتي من خلال الدراسة، فأريد أن أكون حرة في حياتي من دون قيود. أما فقدان البصر، فلن يقيّد حريتي وآمالي في أن أصبح إنسانة متعلّمة قادرة على أن تبني نفسها، وتسهم في مجتمعها، وتشارك في مساعدة أسرتها، فأسرتي دفعت ثمناً قاسياً، ولها عليّ حق كبير".
وتشعر حسناء بفخر ومحبة كبيرة لأسرتها الثانية في جامعة القدس المفتوحة، وتقول: "رغم خوفي الشديد من التحاقي بالجامعة، لكن سرعان ما اكتشفت مدى حبهم ووفائهم لي، بدءاً من مدير الفرع حتى أصغر موظّف فيها، إضافةً إلى الطلبة، فالإدارة غيَّرت في ترتيب القاعات والصفوف من أجل راحتي وتنقّلي بيسر. أما أعضاء هيئة التدريس، فقدموا لي كل مساعدة، وكلّ ذلك شجعني ورفع معنوياتي وزاد من إصراري على تحقيق النجاح".