منذ 40 عاماً فقط، كان حوالي 90% من سكان جمهورية الصين الشعبية، أي أكثر من 800 مليون نسمة، يعيشون دون خط الفقر، لكن ذلك تغير مع تحقيق الصين هدفها المئوي الذي يقتضي بأن تكون الصين بلا فقراء.
فمنذ المؤتمر الوطني الـ18 للحزب الشيوعي الصيني، وضعت الحكومة الصينية الحد من الفقر في مكانة بارزة في الحكم، ونظمت ونفذت أكبر وأقوى معركة للتخفيف من حد الفقر في تاريخ البشرية، وحققت انتصارات كبيرة جذبت انتباه العالم.
الرئيس الصيني شي جين بينغ، أعلن مؤخراً أن بلاده حققت "المعجزة الإنسانية" المتمثلة بالقضاء على الفقر الشديد، في مراسم باهرة في بكين، حيث قلّد شي أوسمة لمسؤولين من مجتمعات ريفية، البعض منهم كانوا يرتدون ملابس تقليدية لأقليات إتنية، ووعد بتشارك هذا "النموذج الصيني" مع دول أخرى نامية.
وقال شي خلال الحفل إنه "لا دولة يمكنها رفع مئات ملايين الناس من الفقر في مثل هذا الوقت القصير". وأضاف: "تحققت معجزة إنسانية وسيذكرها التاريخ".
وفي العام الماضي، قالت الصين إنها حققت هدفها المنشود المتعلق برفع جميع مواطنيها فوق خط فقر من 2,30 دولارات من الدخل اليومي. وهذا المبلغ يفوق بقليل العتبة المحددة من البنك الدولي وهي 1,90 دولار، ولكن أقل مما يوصى به في دول أعلى دخلاً.
ويقول البنك الدولي إن الصين أخرجت أكثر من 800 مليون شخص من الفقر المدقع، منذ تطبيق إصلاحات سوق في السبعينات، بعد عقود من التخطيط الحكومي.
وقال مدير البنك الدولي في الصين، مارتن رايزر، إنه "وبالنسبة للغالبية العظمى من الصينيين، تحسن مستوى الحياة بشكل كبير في غضون جيل كامل".
ويأتي ذلك، بالتزامن مع تقديم الصين "المساعدة لدول نامية" لا تزال تصارع الفقر، بحسب شي.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في وقت سابق، عن تقديره البالغ لإنجازات الصين في مجال الحد من الفقر، مشيداً بها باعتبارها "الدولة التي قدمت أكبر مساهمة في الحد من الفقر العالمي في السنوات العشر الماضية".
وفي هذا السياق، قال الخبير في الشؤون الاقتصادية زياد ناصر الدين للميادين إن الصين هي "النموذج الاقتصادي الأهم في العالم اليوم"، مؤكداً أن بكين باتت "قادرة على تصدير أفكارها الاقتصادية لمحاربة الفقر خارج البلاد".
وأضاف ناصر الدين أن "الصين تقود الشرق اليوم وتشكل نموذجاً يحتذى وهي ستتصدر قريباً منظمة التجارة الدولية"، موضحاً أن الشرق "سيفرض نظاماً جديداً في العالم يختلف عن النظام الرأسمالي السائد".
وأشار ناصر الدين إن "الصين باتت تملك القدرات المالية والتكنولوجيا والطبية اللازمة"، معتبراً أن "النظام الجديد سيولد خلال السنوات المقبلة لا سيما بعد تجاوز الاقتصاد الصيني نظيره الأميركي".
وكان الرئيس الصيني تعهد عام 2015 بالقضاء على الفقر الشديد بحلول 2020، واصفاً الإنجاز بأنه واحد من أهداف الحزب الشيوعي لبناء "مجتمع مزدهر باعتدال" بحلول الذكرى المئوية لتأسيسه في وقت لاحق هذا العام.
وقبل حلول الذكرى، أنفقت الحكومة مليارات اليوان على مشاريع بنى تحتية مثل الطرق ومبان سكنية حديثة، وقدمت حوافز ضريبية ومبالغ دعم لمجتمعات ريفية فقيرة.
وقد تغير مستوى المعيشة بالفعل في الصين بشكل كبير، وبات مئات ملايين الأشخاص يتبعون نمطا استهلاكياً. وعملياً كل الأطفال في الصين باتوا الآن يكملون تعليمهم الإلزامي دون أن يضطروا للعمل لمساعدة أهلهم.
كما تراجع معدل وفيات الرضع في العشرين عاماً الماضية، بحسب "يونيسيف"، في حين أن معدل اقتناء سيارة ارتفع بشكل كبير ليصل إلى 20% من السكان.