تجسد تحذيرات خبير في الأمراض المعدية، الأميركي، أنتوني فاوتشي، التي أطلقها العام الماضي في خضم ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا، إلى حقيقة.
ففي مايو الماضي رجح الخبير الأميركي أن العالم سيلتزم "ارتداء الأقنعة لوقت طويل واتباع إرشادات التباعد الاجتماعي حتى نهاية عام 2021 وحتى عام 2022". هذا التصريح صدر عندما لم يكن أي لقاح ضد فيروس كورونا متاحا بعد، فهل تغير الوضع الآن؟
استمرار أثار الإصابة.. لغز لا يزال يؤرق الخبراء
كشفت منظمة الصحة العالمية أن الأعراض التي سيتركها وباء فيروس كورونا المستجد سيكون لها تأثير على أنظمة الصحة حول العالم بسبب حجم الجائحة والفترة الزمنية التي لازمتنا فيها، وذلك رغم توفر عدد من اللقاحات التي أثبتت فعاليتها بنسب متفاوتة.
وتجري منظمة الصحة العالمية بحثًا حول سبب استمرار معاناة العديد من المصابين بالفيروس التاجي المسبب لمرض كوفيد- 19 من آثاره تمتد لستة أشهر بعد إصابتهم بالمرض.
وتقول جانيت دياز، قائدة فريق قسم الاستعداد للرعاية الصحية في منظمة الصحة العالمية، إن بعض الأشخاص الذين يعانون من حالات ما بعد الإصابة، والمعروفة أيضًا باسم "كوفيد طويل الأمد" لم يتمكنوا من العودة إلى العمل، وكشفت أن أعراض العجز عن العمل لديهم تطيل فترة شفائهم.
وأوضحت أن الأعراض الأكثر شيوعًا لحالة ما بعد الإصابة بكورونا هي الإرهاق وضيق التنفس والضعف الإدراكي.
وتشمل المضاعفات الأخرى السعال ومضاعفات تطال الصحة العقلية والعصبية.
وقالت دياز في الصدد إنه "ليس من الواضح أي المرضى أكثر عرضة لخطر الإصابة بفيروس كوفيد لفترة طويلة، لكنها كشفت أنهم يتراوحون بين المرضى الذين تم نقلهم إلى المستشفى وتطلبوا علاجًا مكثفًا إلى أولئك الذين يعانون من أمراض خفيفة والذين تم علاجهم في العيادات الخارجية المتنقلة.
وعلى أساس عدم معرفة السلطات الصحية، إلى اليوم، حجم آثار الوباء على المدى البعيد وتأثيره على النظم الصحية "تبقى الرسالة الرئيسية منا هي منع الإصابة بالفيروس، لذا فإن إجراءات الصحة العامة هي مهمتنا الأولى في الوقت الحالي"، وفق دياز.
وتشمل هذه التدابير مراقبة التباعد الجسدي وارتداء الكمامات وغسل الأيدي.
وتدعو منظمة الصحة العالمية إلى استجابة بحثية عالمية منسقة وجمع أكبر قدر ممكن من البيانات السريرية الموحدة لفهم تأثير الوباء المستقبلي بشكل أفضل، ومعرفة كيفية علاج المصابين بهذه المضاعفات بشكل أفضل.
وقام خبراء منظمة الصحة بتصميم نموذج "تقرير الحالة" - المتوفر بعدة لغات - للإبلاغ عن البيانات السريرية الموحدة من الأفراد بعد مغادرة المستشفى أو بعد التعافي من مرض حاد.
ويتفق العلماء في الوقت الراهن على أن الفيروس ينتقل بشكل رئيسي عبر الهواء وليس من خلال الأسطح الملوثة، وأن العالم لم يحقق بعد درجة المناعة التي تجعلنا نتخلى عن تدابير الوقاية من الإصابة وعلى رأسها ارتداء الكمامة.
وثمة أدلة متزايدة على أن القطرات الدقيقة التي يمكن انتشارها عبر أمتار عدة خلال تحدث شخص ما أو تنفسه قد تكون كافية لنقل المرض.
ويزداد الوضع تعقيدا، لأن بعض النسخ المتحورة، مثل تلك التي ظهرت في بريطانيا وجنوب أفريقيا والبرازيل، تنتقل بسهولة أكبر من الفيروس الأساسي المنتشر في العالم.
وعندما بدأ انتشار الوباء وأوصت السلطات بوضع الكمامات الجراحية، لم تكن تتوافر كميات كافية منها فتم التشجيع على وضع كمامات "مصنوعة منزليا" من القماش عادة ما يكون مصدرها قطع ثياب قديمة.
لكن هذه الحلول بعيدة كل البعد عن أن تكون مثالية، وفق خبراء تحدثوا لوكالة أنباء فرانس برس.
ما هو الخيار الأفضل؟
نظرا إلى انتشار نسخ متحورة من فيروس كورونا أشد عدوى من النسخة الأساسية، أصبح من الضروري وضع كمامات بجودة ومعايير معززة أو كمامة جراحية وأخرى قماشية في آن.
تقول لينسي مار، الأستاذة في جامعة فرجينيا الأميركية والمتخصصة في الأمراض المنقولة عبر الهواء، لوكالة فرانس برس إن "فاعلية القناع تعتمد على أمرين: قدرته على الفلترة وإمكان ضبطه وإحكامه".
وتشير إلى أن "الفلترة الجيدة تمنع مرور أكبر عدد ممكن من الجزيئات، كما أن ضبط الكمامة بإحكام يعني عدم وجود تسرب حول حوافها حيث يمكن أن يمر الهواء، وبالتالي الفيروس"، موضحة أنه حتى فتحة صغيرة قد تؤدي إلى تقليل فعالية القناع بنسبة 50 في المئة.
وأفضل المواد التي تمنع دخول الجزيئات الدقيقة هي مادة البولي بروبيلين غير المنسوجة المستخدمة في العديد من الأقنعة الجراحية أو كمامات مزودة بفلتر مثل "كاي ان 95".
أما أفضل أنواع الأقمشة، فهو القطن المرصوص جيدا.
وتقول المتخصصة "يجب أن تشعر بأن قناعك يشد إلى الداخل أثناء الشهيق، وإذا وضعت يديك على جانبيه، فيجب ألا تشعر بأي هواء يخرج أثناء الزفير".
وتسمح الكمامات المزودة بقضيب معدني بضبطه بشكل أفضل على مستوى الأنف وتكون أكثر فعالية في هذا الشأن عندما تلتف الأربطة المطاطية حول الرأس وليس حول الأذنين فقط.