أصدرت 50 مؤسَّسة وحراكاً فلسطينياً بيانًا استنكرت فيه مشاركة اختصاصيين فلسطينيّين في أيّام دراسيّة ترعاها وتنظّمها جامعة مستوطنة "أريئيل"، بالتعاون مع وزارة الصحة الصهيونية، مؤكّدةً أنّ أيّ شكل من أشكال المشاركة الفلسطينية، سواء كانت على شكل تقديم ورشات أو مداخلات أو مجرد مشاركة سلبية من خلال الحضور، هو فعل تطبيعي يسهم في تجميل صورة المستعمر وتسويقها محلياً ودولياً.
وقد انطلقت مؤخراً سلسلة من الأيام الدراسية حول موضوع "الحساسية الثقافية". وقد بدأ إنشاء ما يعرف بمستوطنة "أريئيل" في العام 1978 على أراضٍ فلسطينية بمساحة 500 دونم تم احتلالها في العام 1967، وتعود إلى فلسطينيين في مدينة سلفيت وبلدات مردة، كفل حارس، واسكاكا وبروقين.
وقد ظلَّت هذه المستوطنة تتوسع كغيرها حتى بلغت مساحتها ما يزيد على 17 ألف دونم، وصارت تشكل مركزاً لما يعرف بمجمع "أريئيل" الاستعماري الذي يمتدّ ويبتلع 75 كيلومتراً مربعاً، بينما عملت الحكومات الصهيونية المتعاقبة على تطوير "أريئيل" واعتبارها مدينة صهيونية.
واعتبر بيان المؤسّسات أنّ إقامة هذه الجامعة هي إيغال في نهج الاستعمار الاستيطاني، والمشاركة في برامجها هي شرعنة للاستيطان والممارسات الاستعمارية، فقد جاء تأسيس ما يسمى بجامعة "أريئيل" التي تم الاعتراف بها رسمياً ضمن سياق تكتيكات تشجيع المستعمرين الصهاينة على ارتياد المستوطنة – المدينة.
وأكّدت المؤسَّسات والحراكات في بيانها أنّ "جامعة أريئيل كغيرها من المؤسَّسات الأكاديمية الإسرائيلية تُستعمل كذراع للاستعمار، إذ تقوم بما تنظمه من برامج تطبيعية بدور بارز ونشط في تبييض ورقة إسرائيل الاستعمارية في المحافل الدولية"، معتبرةً أنّ "تنظيم الأيام الدراسية حول "الحساسية الثقافية" هو أحد البرامج الَّتي توظف في سياق شرعنة المزيد من الاستيطان"، وأنّه "لمن السخرية أن هذه الأيام الدراسية تنظّم تحت عنوان الحساسية الثقافية، وهي بذاتها تشكّل انتهاكاً لكل القيم الإنسانية".
وقالت المؤسسات الموقّعة على البيان: "رسالة الفلسطينيين العاملين بمجالات الصحة النفسية رسالة أخلاقية من الدرجة الأولى تقدس الإنسان، ولا يجوز أن تسهم في ترسيخ الغبن، بل تسعى إلى مناهضته بوضوح وبلا تردّد أو خوف"، مؤكّدة أنّ تبرير المشاركة بدعاوى من قبيل "تأكيد الحضور"، أو أنها فرصة "لرفع الصوت الفلسطيني"، أو بأن الفعالية "ليست سياسية بل محض أكاديمية مهنية"، أو أن "وضعنا كفلسطينيين يحملون الجنسية الإسرائيلية يختلف" ما هي إلا "مزاعم واهية"، وفقًا للبيان.
واعتبر البيان أنّ كل مشاركة في مثل هذه المؤتمرات "هي توجيه طعنة إضافية لحقوق الإنسان وقضية عودة اللاجئين، وشرعنة للمشروع الصهيوني"، وأنّ "من الأجدى والأنسب ضمن هذا السياق توظيف الجهود من قبل المعنيين والمعنيات بإعلاء الصوت الفلسطيني لتنظيم فعالية أو مؤتمر دولي يُبرز أثر القمع الاستعماري والانتهاكات الإسرائيلية على الثقافة والهوية الفلسطينية وعلى الصحة النفسية للإنسان الفلسطيني".
ودعت المؤسّسات "جميع المهنيين في مجال الصحّة النفسيّة إلى مقاطعة مثل هذه البرامج وعدم المشاركة فيها لا من بعيد ولا من قريب"، على اعتبار أنّ "حقوق الإنسان جزء لا يتجزأ من أخلاقيات المهنة، وأنَّ مسيرة التحرر من الاستعمار وتبعاته هي في صلب الصحة النفسية للإنسان الفلسطيني".