يسود قلق أميركي حيال إمكانية أن يقدم الكيان الصهيوني على عمل عسكري ضد إيران، وبخاصة في أعقاب قرار المستشار القضائي للحكومة الصهيونية، أفيحاي مندلبليت، يوم الخميس الماضي، بتقديم لائحة اتهام بشبهات فساد خطيرة ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو حسبما ذكرت صحيفة "هآرتس" اليوم الثلاثاء.
وأشارت الصَّحيفة إلى زيارة مجموعة من المسؤولين الأميركيين للكيان الصهيوني في الأسابيع الأخيرة، وقالت إنَّ هذه الزيارات بلغت أوجها بزيارة رئيس الأركان المشتركة للجيش الأميركي مارك ميلي، الذي وصل إلى الكيان الصهيوني أمس الأول.
ورغم أنَّ الجانبين يحاولان التشديد على أنَّ العلاقات بين الجيشين وثيقة جداً، لكن على ما يبدو أن هناك اعتبارات أخرى غير معلنة لهذه الزيارات المكثفة للمسؤولين الأميركيين، وفقاً للصحيفة، وفي مركزها "التخوف الإسرائيلي من خروج أميركي من المنطقة، والتخوف الأميركي من عمل عسكري إسرائيلي غير منسق".
وعبَّر مسؤولون صهاينة في الآونة الأخيرة عن "القلق من عدم رد الولايات المتحدة على هجمات منسوبة إلى إيران في الأشهر الماضية، من بينها إسقاط طائرة أميركية من دون طيار، واستهداف منشآت نفطية سعودية بصواريخ موجهة، واستهداف ناقلات نفط، وإعلان الرئيس دونالد ترامب عن سحب القوات الأميركية من سوريا، وأن هذا الأداء الأميركي يترك لإيران حيز عمل كبيراً جداً".
من جهة أخرى، قالت الصحيفة: "الأميركيون قلقون بقدر معيَّن من قرارات قد يتمّ اتخاذها في إسرائيل، فالقيادة الإسرائيلية تتحدث من دون توقّف عن المخاطرة الماثلة بمحاولات إيران التموضع العسكري في جنوب سوريا، وعن تهريب أسلحة متطورة إلى حزب الله في لبنان، وعن جهود إيرانية لزيادة قوة ميليشيات موالية لها في العراق واليمن. إنّ احتكاكاً عسكرياً متزايداً بين إسرائيل وإيران وأذرعها من شأنه جرّ الأميركيين إلى داخل حرب إقليمية. وبحسب تصريحات ترامب على الأقل، فإنَّه ليس معنياً بها".
ولفتت الصحيفة إلى أنَّ التخوفات التي يتحدث عنها الكيان الصهيوني وزيارات مسؤولين أميركيين للكيان الصهيوني، تذكّر بصيفي العامين 2011 و2012، عندما كان الكيان الصهيوني يهدّد بشن هجوم عسكري ضد منشآت نووية في إيران. وفي حينه، تم إرسال العديد من المسؤولين الأميركيين من أجل "جسّ النبض" في الكيان الصهيوني.
وقالت الصّحيفة إنَّه بقدر ما هو معلوم حالياً، فإنّ هجوماً صهيونياً ضد إيران ليس مطروحاً الآن، لأنَّ إيران ما زالت ملتزمة مبدئياً بالاتفاق النووي مع القوى الكبرى الخمس بعد انسحاب الولايات المتحدة منه. ورغم ذلك، فإنَّ التصريحات الصهيونية تنطوي على تهديدات عدوانية.
وخلال جولة قام بها نتنياهو ووزير الأمن الصهيوني نفتالي بينيت في الجولان المحتل وعند الحدود الفلسطينية – اللبنانية، قال نتنياهو إنَّ الكيان الصهيوني سيعمل من أجل إحباط نقل أسلحة من إيران إلى سوريا، وسيلجم محاولات "تحويل العراق واليمن إلى قواعد إطلاق صواريخ".
وقال بينيت مخاطباً الإيرانيين: "ليس لديكم شيء تبحثون عنه هنا". وصرّح أمس بالقول: "ردّنا سيكون دقيقاً جداً ومؤلماً جداً. وأوجّه هذه الأقوال ليس فقط لمن يسعى لاستهدافنا في الجبهة الجنوبية (غزة)، وإنما في الشمال أيضاً".
ولفتت الصحيفة إلى أنه قبل أسبوع من انتخابات الكنيست الأخيرة في أيلول/ سبتمبر الماضي، تدخَّل المستشار القضائي للحكومة من أجل منع قرار غير قانوني اتخذه نتنياهو في المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) بشن عملية عسكرية ضد قطاع غزة، وكان من شأنها إرجاء الانتخابات.
ونقلت الصّحيفة عن مسؤول صهيوني واسع الاطلاع قوله، الأسبوع الماضي، إنّ "إسرائيل هي التي ستحدد تطور الأوضاع بنسبة 80%، وأن هذا يستوجب من كل مؤسسات المراقبة، لجنة الخارجية والأمن بالكنيست والمستشار القضائي ووسائل الإعلام، التيقظ الكبير كي لا يتم اتخاذ قرارات مصيرية خاطئة". وألقى المسؤول نفسه "مسؤولية خاصة على رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، وخصوصاً في هذه الفترة التي يواجه فيها نتنياهو لوائح اتهام، والتي يسعى فيها بينيت وزير الأمن الجديد والمؤقت إلى أن يظهر كقائد سياسي وأمني".
وشدَّدت الصحيفة على أنَّ "المؤسَّسة السياسية لا يمكنها أن تكون بحماية كاملة من اعتبارات سياسية – حزبية تشغل المؤسسة السياسية من فوقها. وهيئة الأركان العامة ليست ديراً، والضباط يعون جيداً ما يحدث في الدولة. ويتعيَّن على قادة الفرق العسكرية والطيارين أن يتأكّدوا من أنَّ القرارات الأمنية في مسائل متعلّقة بالحياة والموت يتم اتخاذها بشكل موضوعي".