أجرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا) دراسة حول نساء قطاع غزّة وظروف معيشتهنّ وتجاربهنّ العصيّة. وحمل التقرير عنوان "كيف تتأقلم؟"، مستندًا إلى تجارب النّساء الغزّيّات. وقد أُصدر كجزء من حملة الأونروا السنويّة #أعطوا_غزّة، وهو ينظر في آليات التأقلم التي يتبعها الناس في غزّة، وخصوصًا النساء، بهدف معرفة الاحتياجات في ظلّ الظروف القهريّة الصعبة الَّتي يعيشونها.
وتقول مديرة دائرة الإغاثة والخدمات الاجتماعية، الدكتورة دوروثي كلاوس، في التقرير: "في مكانٍ يعيش تحت حصار ما يقارب 13 سنة، ومع ارتفاع معدل الفقر إلى 53%، وحيث إنّ أكثر من 70% من السكان هم لاجئون من فلسطين، فقد كنا بحاجة إلى فهم كيف تقوم النساء بإدارة الحياة يوماً بعد يوم، بعيدًا عن الإحصائيات".
وتضيف كلاوس: "كيف بالضّبط يقمن بالتأقلم مع بيئة معيشية تتّسم بأنّها تعاني من ضغوط اقتصادية واجتماعية كبيرة؟ هل كان عليهن أن يقمن بتغيير عادات موروثة منذ زمن طويل لكي يتمكّن من الإبقاء على حياتهن وحياة عائلاتهن معًا؟ هل شاهدن أدوارهن التقليدية تتغيَّر مع مرور السنين. وإذا كان ذلك صحيحًا، فبأي طريقة؟ وماذا كان الثمن على الصعيد النفسي وغيره؟".
وتعتمد هذه الدراسة على مقابلات ونقاشات مجموعات التركيز مع المرأة في غزة، وهي إلى حدّ كبير تحقيق نوعيّ في المقايضات التي يقمن بها من أجل تأمين الاحتياجات الأساسية، علاوة على الآثار الجسدية والنفسية والاجتماعية لتلك الخيارات في المرأة والمجتمع.
ويسعى التقرير الذي يستخدم العشرات من القصص والروايات الشفهية إلى الإجابة على أسئلة رئيسية تشمل: ما هو الثمن الذي تدفعه النساء في كل أزمة؟ ما هي السّبل التي يقمن بتطبيقها من أجل التأقلم مع القيود الشديدة على الموارد، ومع القيود الشديدة على الحرية الشخصية ومع اقتصاد مشوّه وتعرّض متكرر لأعمال العنف، بما في ذلك العنف المبني على النوع الاجتماعي؟ كيف تغير دورهن القياسي والجنساني؟ وكيف أثر هذا التغير في رفاههن الجسدي والنفسي كأفراد وفي مكانهن في الأسرة ومع المجتمع الأوسع؟".
وتقول الدكتورة كلاوس: "إنّ الاستماع إلى كلّ تلك النسوة خلال إجراء المسح كان تجربة تبعث على التواضع بشكل كبير. لن يفهم المرء أبدًا القوة الموجودة في داخل كل امرأة تحدثنا إليها إلا إذا استمع إليها وهي تصف كيف استطاعت التعامل مع الجوانب المختلفة لها ولعائلتها. إنّ سعة الحيلة للنساء اللواتي قابلناهن في غزة تتسم بالعبقرية في كل المستويات. إنهنّ الصمغ الذي يبقي مجتمعهن متماسكًا، ولكن وفي الوقت نفسه، فإنَّ كل أولئك النسوة قد أشرن إلى القيود نفسها المفروضة على محاولة التأقلم، والعبء الكبير الذي يثقل كاهلهنّ لدى حديثهن عن نقاط الانهيار التي وصلن إليها".