شفت دراسة علميّة حديثة أنّه لا صحّة للعلاقة بين هرمون الذّكورة، التّستوستيرون، واحتمال الإصابة بمرض التّوحّد، على عكس الادّعاءات السّابقة الّتي ربطت بينهما في العديد من الدّراسات.
ينتشر مرض التّوحّد لدى الّذكور أكثر من انتشاره لدى الإناث، وقد ساهمت هذه الحقيقة في اعتقاد العلماء بارتباط هرمون التستوستيرون بالتّسبّب بالمرض، وهو ما أشارت إليه عدّة دراسات حول المرض، الّتي أسّست ادعاءها على ارتباط ادّعته بين الهرمون الّذكريّ وتقليل التّعاطف الإدراكيّ.
وتعدّ الدّراسة الأكبر من نوعها، إذ شملت عيّنةً من 650 رجلًا بصحّة جيّدة، حيث قام الباحثون في تلك الدراسة بفحصهم ومتابعة حالتهم الصّحيّة من جهة، مع اختبار حالتهم العاطفية قبل بدء التجربة.
وقسّم الباحثون العيّنات إلى ثلاث مجموعات، أعطوا المجموعة الأولى دواءً وهميًا، وأعطوا للمشاركين في المجموعة الثانية عقارًا يزيد من مستويات الهرمون الذكري، فيما لم يُعطَ أفراد المجموعة الثالثة أيّ شيء.
ولم تظهر نتائج الدّراسة الحاليّة أيّ دليل على وجود علاقة بين ذلك الهرمون والتعاطف المعرفي، أو القدرة على قراءة عواطف الآخرين، وهي سمات تضعف بشكل كبير عند الأشخاص المُصابين بالتوحد؛ إذ لم يلاحظ الباحثون أى تغير بين المجموعات الثلاثة في الاختبارات التي تلت تقسيم المجموعات، إذ جاءت نتائجها متطابقة مع الاختبارات السابقة؛ واستنتج الباحثون عدم وجود علاقة بين هرمون التستوستيرون والتعاطف المعرفي، ما يعنى براءته من التسبب في مرض التوحد.
وكانت عدّة دراسات سابقة قد بيّنت أنّ هناك علاقة بين هرمون التّستوستيرون وتقليل التعاطف الإدراكيّ، إلّا أنّ العيّنات الّتي اعتمدت عليها تلك الدّراسات كانت صغيرة للغاية، وغير قابلة للتّعميم بشكل مؤكّد، على عكس الدراسة الحاليّة، التي تُظهر بشكل لا لبس فيه انعدام أيّة علاقة سببيّة مباشرة بين التعرض للتستوستيرون ومدى التعاطف المعرفي.
بين هذه الدّراسات واحدة نشرت عام 2011 بيّنت أنّ هناك صلة بين التعرض لهرمون الذكورة وتقليل التعاطف المعرفي، حيث وجدت الدراسة أن إعطاء الهرمون للنساء المعافيات قلّل من تعاطفهم أثناء قراءة الروايات الحزينة، فادّعى مؤلفو تلك الدراسة أن نتائجهم تفسّر انتشار حالات التوحد بشكل أكبر عند الذكور.
إلّا أنّ الدراسة المذكورة اعتمدت على عينة لم تتجاوز سوى 16 شخص فقط، واعتمدت نتائجها على الاستنتاج من أدلّة مترابطة وجاءت نتائجها اعتمادًا على أدلة مترابطة وليست سببيّة، وهي نتائج في الدراسات العلمية غير حاسمة على الإطلاق، إلا أن الدراسة انتشرت كالنار في الهشيم، خاصة بين وسائل الإعلام الّتي قالت إن التستوسيرون يُسبب التوحد.
ويدعى مرض التّوحّد بـ "اضطرابات طيف التوحد"، وهي مجموعة اضطرابات في نمو الدماغ، وهذا المصطلح يشمل مرض التوحد واضطرابات التفكك في مرحلة الطفولة ومتلازمة آسبرغر، وهي تشترك جميعها بعارض أساسي يتمثّل في مواجهة الفرد لصعوبات في التفاعل مع المجتمع والتواصل معه، ومحدودية وتكرار خزين الاهتمامات والأنشطة التي لديه.