انطلقت، أمس الثلاثاء، فعاليات اليوم الوطني لاسترداد جثامين 304 شهداء فلسطينيين تحتجزهم سلطات الاحتلال الصهيوني في الثلاجات أو في مقابر الأرقام.
وتشهد المحافظات الفلسطينية وقفات جماهيرية واسعة، بالتزامن مع حملة إلكترونية نشطة تحت عنوان "بدنا أولادنا"، فضلاً عن نشاط إعلامي مفتوح لكل وسائل الإعلام، وتخصيص يوم لمراكز التعليم للتعريف بقضية الجثامين المحتجزة بمشاركة أهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم.
وسيتمّ تنظيم أربع وقفات عند الساعة الحادية عشرة، ستكون عند دوار الشهداء وأمام الصليب الأحمر في غزة، ودوار المنارة في رام الله، ودوار ابن رشد في الخليل، وذلك بمشاركة ذوي الشهداء والعديد من القوى الوطنية والحزبية ومؤسسات رسمية وأهلية وحقوقية.
يُذكر أنَّ محكمة الاحتلال الصهيوني أصدرت قانوناً في العام 2017 باعتبار حجز جثامين الشهداء غير قانوني، ولكنها لم تصدر قرارًا بإطلاق سراحهم، بل أعطت حكومتها 6 أشهر لوضع قانون يسمح لها بحجز هذه الجثامين، علما بأنَّه جرى حتى اليوم تحرير 121 جثمان شهيد وشهيدة من "مقابر الأرقام"، وما يزيد على 180 شهيداً مما يُسمى "ثلاجات الاحتلال".
ووفقاً للحملة الوطنية لاسترداد الجثامين التي تأسَّست في العام 2008، فإنَّ ما تم توثيقه استناداً إلى بلاغات عائلات الشهداء والفصائل الفلسطينية التي كانوا ينتمون إليها، يؤكد احتجاز حوالى 400 شهيد، فيما تم تحرير جثامين 131 منهم، وما يزال 253 شهيداً محتجزين في مقابر الأرقام.
وتؤكّد الحملة أنَّ عدد الشهداء الموجودين في مقابر الأرقام يفوق هذا العدد الموثّق، وذلك وفق المعلومات المتداولة حول المقابر وأعداد القبور داخلها.
وبحسب الحملة، فإنَّ هناك 68 مفقوداً منذ بداية الاحتلال حتى اليوم، ولا يعرف مصيرهم، وينكر الاحتلال أيّ معلومات حولهم.
ومنذ العام 2015 وحتى اليوم، احتجز الاحتلال جثامين أكثر من 220 شهيداً لفترات زمنية مختلفة (من أيام إلى أشهر، وبعض الشهداء أكثر من عامين) أفرج عن معظمهم، وأبقى على 29 شهيداً محتجزين حتى اليوم.
وتنصّ اتفاقية جنيف الأولى في المادة (17) على "إلزام الدول المتعاقدة باحترام جثامين ضحايا الحرب من الإقليم المحتلّ وتمكين ذويهم من دفنهم، وفقاً لتقاليدهم الدينية والوطنية".
وأقام الاحتلال الصّهيونيّ مقابر سرية عُرفت باسم "مقابر الأرقام"، وهي عبارة عن مدافن بسيطة، محاطة بالحجارة من دون شواهد، ومثبت فوق القبر لوحة معدنية تحمل رقماً معيناً. ولهذا سميت بمقابر الأرقام، لأنها تتخذ الأرقام بديلاً لأسماء الشهداء.
ويعلن الاحتلال هذه المقابر مناطق عسكريَّة مغلقة، وهي غير ثابتة، وتتكشَّف معطيات متضاربة بين فترة وأخرى حولها، وإن كان تم تداول مواقع 4 مقابر معظمها في غور الأردن وقرب الحدود اللبنانية والسورية.
وترفض سلطات الاحتلال إعطاء شهادات وفاة لذوي الشهداء أو تقديم قائمات بأسماء من تحتجز جثامينهم وأماكن احتجازهم وظروفها، بل اعترفت بالفوضى والإهمال في احتجاز الجثامين وفقدان بعضها.
وفي العام 2010، أفرجت سلطات الاحتلال عن جثمان الشهيد مشهور العاروري بعد سنتين من النضال القانوني في ملفّه، وبعد احتجاز دام 34 عامًا في مقابر الأرقام. وفي العام التالي، تم استرداد جثمان الشهيد حافظ أبو زنط بعد 35 عامًا من الاحتجاز، وقد كان رفيقاً للشهيد العاروري.
وسلَّم الاحتلال رفات 91 شهيدًا في 31\5\2012، من بينها 18 جثماناً غير معروفين، ما شكَّل تأكيداً جديداً لانتهاك حكومة الاحتلال لكرامة الشهداء والاستهتار بمشاعر عائلاتهم، لكنَّ الحملة تمكَّنت من التعرّف إلى ثمانية جثامين وتسليمهم لعائلاتهم، فيما ما زال يحتفظ بتسعة جثامين في مقبرة رام الله.
وأصدرت المحكمة العليا الصهيونية قراراً في العام 2013 بتسلم جثامين 36 شهيداً، وتم تسليم جثامين 27 شهيداً منهم في الأشهر الأولى من العام 2014، لكنَّ التسليم توقف بزعم الظّروف السياسية.
وفي تموز 2015، أعلنت وزارة جيش الاحتلال أمام المحكمة العليا الصهيونية، أنها ستتوقَّف عن احتجاز الجثامين، وستشرع بتأسيس بنك للحمض النووي تمهيداً لتحرير كلّ الجثامين المحتجزة، لكنَّها لم تفِ بالتزامها حتى هذه اللحظة.
وعاد الاحتلال إلى احتجاز جثامين الشّهداء كآلية عقاب، بزعم استهداف جنوده ومستوطنيه بقرار من المجلس الوزاري الصّهيونيّ المُصغّر للشؤون السياسيّة والأمنيّة "الكابينت" بتاريخ 13\10\2015.