قُتل 20 شخصاً وأُصيب العشرات بجروح في هجمات نفّذتها قوات الأمن السودانية على اعتصام لمحتجين يطالبون الرئيس عمر البشير بالتنحّي أمام وزارة الدفاع في الخرطوم، بحسب ما أعلنت المعارضة السودانية اليوم الأربعاء.
وتصاعدت الضغوط على الرئيس السوداني بعد دعوة الشرطة وثلاث دول غربية إلى انتقال سياسيّ، على خلفية تظاهرات ضخمة لليوم الرابع على التوالي أمام مقر الجيش.
ودعا زعيم حزب "الأمة" القومي، الصادق المهدي، البشير إلى تسليم السلطة لقيادة عسكرية مختارة مؤهلة للتفاوض مع ممثلي الشعب لبناء النظام الجديد المؤهل لتحقيق السلام والديمقراطية.
وجاءت تصريحاته في الوقت الذي واصل آلاف المحتجين لليوم الرابع الاعتصام أمام المجمع الموجود في وسط الخرطوم، والذي يضم وزارة الدفاع ومقرّ إقامة البشير والأجهزة الأمنية.
ويواجه الرئيس السوداني أبرز تحدٍّ خلال ثلاثين عاماً لسلطته، في أعقاب اندلاع حراك احتجاجي في شهر كانون الأول/ ديسمبر.
وبلغ الحراك ذروته، يوم السبت، حين وصل المتظاهرون إلى محيط مقر الجيش الواقع ضمن تجمّع يضم أيضاً مقر إقامة الرئيس، وطالبوا بألا تواصل القوات العسكرية دعم البشير.
وانتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي صور غير موثقة لجنود مرفوعين على أكتاف المتظاهرين. وكان المتظاهرون يستعدون، مساء الثلاثاء، للبقاء ليلة رابعة متتالية بعدما أمضوا يوماً آخر تحت الشمس، واصلوا خلاله تحدي منع التظاهر وكرَّروا الشعارات المناهضة للحكومة.
من جانبها، أعلنت الشرطة السودانية رغبتها في توحّد "كلمة أهل السودان على رشد وتوافق يعزز الانتقال السلمي للسلطة واستقرار البلاد"، داعيةً إلى "عدم التعرض" للمتظاهرين بعد ساعات من محاولة تفريقهم.
في السياق نفسه، اعتبرت سفارات الولايات المتحدة وبريطانيا والنروج، أنَّ الأوان قد آن للسلطات السودانية لكي تعرض "خطة انتقال سياسي تحظى بمصداقية"، مطالبة السلطات بـ"الاستجابة للمطالب الشعبية".
وأخفقت عدة محاولات للشرطة ولجهاز الأمن والمخابرات في إزاحة المحتجين من أمام مقر قيادة الجيش، حين أطلق عسكريون النار في الهواء. ولا شيء يؤكّد إذا كان عناصر الجيش أقدموا على ذلك لحماية المتظاهرين، كما يقول شهود، أو فعلوا ذلك لسبب آخر. وحتى الآن، تبقى نيات العسكر غير معروفة.
وقال شاهد: "حصل إطلاق كثيف للغاز المسيّل الدموع. بعد ذلك، فتح الجيش أبواب المقرّ للسّماح بدخول المتظاهرين. بعد دقائق، قامت مجموعة من العسكريين بإطلاق النار في الهواء لدفع القوات الأمنية التي كانت تستخدم الغاز المسيّل للدموع".
وحصلت "فرانس برس" من باريس على فيديو يظهر القوات الأمنية وهي تحاول تفريق المحتجين قبل تراجعها إثر إطلاق الجيش النار.
ودعا زعيم حزب "المؤتمر" السوداني عمر الدقير، في كلمة أمام مقر الجيش، المؤسسة العسكرية إلى "تواصل مباشر" مع تحالف "الحرية والتغيير" بغية "تيسير عملية الانتقال السلمي للسلطة إلى حكومة انتقالية".
وقال وزير الدفاع السوداني الفريق ركن عوض بن عوف إنَّ "القوات المسلّحة تقدّر أسباب الاحتجاجات، وهي ليست ضدّ تطلّعات المواطنين وطموحاتهم وأمانيهم، لكنها لن تسمح بانزلاق البلاد نحو الفوضى، ولن تتسامح مع أيّ مظهر من مظاهر التفلت الأمني".
وفي بيان منفصل، شدد رئيس الأركان المشتركة، كمال عبد المعروف، على "وحدة وتماسك المنظومة الأمنية، القوات المسلّحة، قوات الشرطة، جهاز الأمن والدعم السريع، وقيامها بواجباتها في حفظ الأمن وحماية المواطنين في تكامل وتنسيق للأدوار".
وأعلن الدقير أنه جرى تشكيل مجلس من قبل منظّمي التظاهرات لبدء محادثات مع القوات الأمنية والمجتمع الدولي، بهدف نقل السلطة إلى "حكومة انتقالية". وقال: "نشدّد على مطلب الشعب بالاستقالة الفورية لرئيس النظام وحكومته".
من جهته، حضَّ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الحكومة على "خلق بيئة مؤاتية لإيجاد حلّ للوضع الراهن وتشجيع الحوار الشامل".
ومنذ بداية الاحتجاجات، رفض البشير الاستقالة، وأعلن في 22 شباط/ فبراير حال الطوارئ بعدما سعى إلى قمع التظاهرات بالقوة.