بعد قرار المستشار القضائي للحكومة الصهيونية أفيحاي مندلبليت تقديم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو للمحاكمة، نشأ وضع جديد بمثابة سابقة، ليس من جهة أنه رئيس الحكومة الأول الذي يواجه المحاكمة، إلا أنَّه الأول الذي يصرّ على مواصلة البقاء في منصبه خلال فترة الانتخابات، كرئيس للحكومة وكوزير للأمن.
وبحسب تحليلات صهيونيَّة، فإنَّ كثافة سفريات نتنياهو إلى خارج البلاد مرتبطة بالحفاظ على صورته أمام الجمهور تمهيداً للانتخابات، كما أنَّ "إنجازات" لقائه مع الرئيس الروسي تثير جملة من الأسئلة. وفي النتيجة، فإنَّ على قادة الأجهزة الأمنية إبداء المزيد من اليقظة والحساسية.
وللمقارنة، أشار المحلّل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، إلى أنَّ رئيس الحكومة السابق، إيهود أولمرت، قد استقال قبل قرار المستشار القضائي للحكومة بشأنه. كما أنَّ الفترة بين استقالة أولمرت والانتخابات التي جرت في العام 2009 وصلت إلى 9 شهور، شنَّ خلالها الكيان الصهيوني الحرب العدوانية على قطاع غزة في 2008 و2009، التي أطلق عليها "الرصاص المصبوب".
وبحسب المحلّل العسكريّ، فإنَّ نتنياهو يستعدّ لأكبر من ذلك، فهو يصرّح أنه يعتقد أنَّ بإمكانه إدارة شؤون الدولة حتى لو اقتضت محاكمته المثول أمام المحكمة المركزية في القدس 3 أو 4 مرات في الأسبوع، الأمر الذي من شأنه أن يستدعي إبداء المزيد من اليقظة، بحسب المحلّل العسكريّ.
وضمن هذا الوضع الجديد الَّذي نشأ، فإنَّ نتنياهو سيضطرّ إلى إيجاد طريقة لدمج حملته الانتخابية ومعركته القضائية مع القيام بمهام منصبه كرئيس للحكومة وكوزير للأمن.
ويشير هرئيل إلى أنَّ أحداث الأيام الأخيرة هي خير مثال على ذلك، حيث إنّه اضطر إلى تقصير مدة زيارته "المهمة" إلى موسكو بهدف العودة إلى البلاد قبل نشر قرار المستشار القضائي للحكومة.
كما لفت إلى أنَّ من الواضح أنَّ تواصل سفر نتنياهو إلى خارج البلاد مرتبط بالحفاظ على صورته أمام الجمهور تمهيداً للانتخابات التي يسعى إلى تكريسها، وكأنَّ "زعماء الدول العظمى ودول أخرى كثيرة، وضمنها الدول العربية، يصغون إلى آرائه ومواقفه".
كما شكَّك في مدى صدقيَّة ادعاءات "المصادر السياسية" بشأن إنجازات لقاء نتنياهو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي تضمَّنت "تجاوز حادثة إسقاط الطائرة الروسية "إيليوشين 20"، ومناقشة طرق إعادة إعمار سورية، وتعهدات روسية بإخراج القوات الأجنبية من سوريا"، وبخاصَّة أنَّ الكيان الصهيوني شنَّ هجمات على سوريا بعد إسقاط الطائرة الروسية بشهرين. وفي حينه، تبلورت قواعد "اللعبة الجديدة"، بحيث تتركّز الهجمات الصهيونية في وسط سوريا وجنوبها، بعيداً عن مواقع انتشار القوات الروسية، كما أنّ من الصّعب فهم علاقة الكيان الصهيوني بإعادة إعمار سوريا، ويبدو أيضاً أنَّ إخراج القوات الإيرانية لا يزال بعيداً.
كما يشير إلى أنَّ المسألة الأهمّ بالنسبة إلى الكيان الصهيوني لم يتمّ التطرّق إليها، وهي تزويد سوريا ببطاريات صواريخ "إس 300"، حيث إنَّ من المهمّ بالنسبة إلى نتنياهو أن "يواصل بوتين تأخير تحويلها إلى عملانيّة، وأن يبقيها تحت الرقابة الروسية"، إذ إنَّ "استقلالية استخدام بطاريات الصواريخ قد يعجل استخدامها، بما يلزم طائرات سلاح الجو الإسرائيلي بتدميرها حتى لا تشكّل خطراً عليها، الأمر الَّذي من شأنه أن يؤدي إلى التصعيد مع سوريا والقوات الإيرانية في الجبهة الجنوبية".
إلى ذلك، اعتبر المحلّل العسكريّ أنَّ إطلاق سراح عناصر كتائب القسام الأربعة الذين اعتقلوا في سيناء في العام 2015 كان بهدف خفض حدّة التوتر في قطاع غزة، كما أنَّ إطلاق سراح القيادية في الجبهة الشعبية، النائب خالدة جرار، و"الشائعات" بشأن مكانة الأسرى الفلسطينيين الذين أعيد اعتقاله بعد الإفراج عنهم في صفقة تبادل الأسرى الأخيرة مع حركة حماس، وعددهم يزيد على 50 أسيراً، يشير إلى بذل جهود لتهدئة الأوضاع وتجنّب المواجهات قبل الانتخابات.