رعى العلامة السيد علي فضل الله حفل إفطار مؤسسة الهادي للإعاقة السمعية والبصرية واضطرابات اللغة والتواصل، بحضور كل من وزير العمل الأستاذ مصطفى بيرم، مدير عام جمعية المبرّات الدكتور محمد باقر فضل الله، النائب رائد برو إضافة إلى فاعليات اجتماعية واقتصادية وعلمائية وأمنية ودبلوماسية وبلدية وعدد من ممثلي منظمات أهلية ودولية وأعضاء من مجلس أصدقاء مؤسسة الهادي.
استهل الحفل بآيات من القرآن الكريم، فالنشيد الوطني تلاه فقرة فنية موسيقية وتواشيح دينية لكورال مؤسسة الهادي، تلا ذلك عرض مسرحي إيمائي مميز للطلاب الصم.
ثم ألقى راعي الحفل العلامة السيد علي فضل الله كلمة أكد فيها أنه من أبرز نعم الله علينا أن منحنا فرصة هذا الشهر المبارك، لنتزود من معين حبه وكرمه وفضله وعطائه مشيرا إلى أننا محظوظون أن نكون في هذه الأيام الأخيرة من شهر رمضان في موقع يحبه الله ويحب لنا أن نكون فيه، موقع العطاء لمن يحتاجون إلى إسنادنا وجهدنا.
وأضاف: لقد وجدت هذه المؤسسة لتحتضن من حرموا نعمة البصر والسمع والقدرة على التعامل مع محيطهم، تعوضهم عما فقدوه من طاقات وتمنحهم ما يحتاجون من علم ومهارات، ولتستنهض الطاقات المودعة فيهم ولتعزز فيهم الإحساس بحضورهم وأن لهم دوراً فاعلاً في الحياة يمكنهم القيام به ومشاركة الآخرين به.
وتابع: ها نحن نشهد ثمار هذا الاحتضان في هذه القوة التي تملأ نفوسهم، ومشاعر الأمل والتفاؤل التي تشع من قلوبهم وتجد ملامحها على وجوههم، والأهم هذا الوعي الحقيقي لطبيعة هذه الحياة وما يتخللها من ابتلاءات، ما يشعرون معها بأنهم لو حرموا من نعمة حظي بها الآخرون، إلا أنهم لم يحرموا من الروح الطامحة والعقولَ المتقدةَ والإيمان والثقة بربهم بأنه لن يدعهم وحدهم يعانون صعوبات الحياة، ويؤكد ذلك ما تشهد عليه نجاحاتهم وإبداعاتهم وتوفقهم الذي عبروا عنه في المحافلِ العلميةِ وفي مختلف المجالات على صعيد لبنان والعالم..
وأوضح: إن قيمة هذه المؤسسة والمؤسسات المماثلة أنها استطاعت أن تعزز لديهم الثقة بأنفسهم وبقدراتهم، والأهمُ إنها أثّرت في ثقافةِ البيئةِ ونظرةِ المجتمعِ تجاههم، بعدما كانت النظرة إليهم نظرة شفقة. لكن كل ذلك ما كان يحصل لولا أن قررنا جميعاً أفراداً ومؤسسات أن لا نتقاعس وأن لا ننتظر، وها نحن بالتعاون معكم نقوم بالكثير وسنفعل الكثير من أجلهم ولن يضيع هؤلاء بحضرتنا، بل سيكونون بعيوننا حتى ونحن نعاني من ثقل هذا الواقع الصعب، سنقتطع من لقمة عيشنا ما يسد رمقهم وحاجتهم إلينا...
وأكد أنه بإخلاصنا لله سبحانه وتعالى، وبتضافر جهودنا جميعا ومضاعفة نشاطنا، وبالمزيد من التضحيات والحرص على ان نكون بالمستوى نفسه من الرعاية والعناية، سنتجاوز هذه المحنة القاسية التي تعيشها المؤسسات ويعاني منها الوطن مشدداً على أن
الهمَّ الأساسَ الملقى على عاتقِنا جميعاً هوَ المزيدُ منَ الرعايةِ والاحتضانِ، وتثبيتُ الأرضِ تحتَ أقدامِهم، لتمكينِهم من العلمِ وإكسابِهم مهاراتٍ تمكّنُهم من الإبحار ِبنجاح في خضم هذهِ الحياة.
ووجه سماحته تحية تقدير وثناء لكل من قدّم وأعطى وأعان في شيء من فكره أو جهده أو طاقته ولم يبخل بوسيلة أو مال لأحبتنا وأبنائنا الأعزاء، الذين لا يزالون في هذه المؤسسة أو الذين تخرجوا منها، وكنتم جميعاً أحباء وأصدقاء لهؤلاء الأبناء ممن لم يعيشوا الصداقة عاطفة في القلب فقط، أو مجرد أحاسيس ومشاعر، أو فكرة في العقل بل عملوا على تجسيدها ومبادراتهم التي حصلت تشهد لهم، فكانوا الأصدقاء الحقيقيين لهذه المؤسسة، وها هم اليوم يسعون إلى توسعة دائرتها من خلال هذا اللقاء والمبادرة التي انطلقتم بها وستتابعونها: "كن صديقي".
وقال: هذا الهم لا يقف عند رعاية أبنائنا الطلاب من داخل هذه المؤسسة، بل للذين تخرجوا منها حيث مسؤوليتنا أن نؤمن لهؤلاء الأبناء مستقبلاً يليق بهم في فترة ما بعد التخرج، ليدخلوا إلى ساحة العمل، وهنا كل منا يتحمل المسؤولية، فردياً أو من خلال إنشاء فرق عمل...
ودعا إلى تشكيلِ جماعاتِ ضغطٍ على الدولةِ لتقومَ بواجبِها، فهيَ المسؤولةُ عن أبنائِها، فكيفَ الضعفاءُ منهم!؟ ذلك، للأسف، أنَ المسؤولينَ في هذا البلدِ اعتادوا أنْ لا يعطوا الناسَ حقوقَهم إلا بالإلحاحِ والضغطِ.. أنْ نضغطَ على منْ هم في مواقعِ القرارِ لإصدارِ القوانينِ الّتي تكفلُ حمايتَهم من البطالةِ والعوزِ، وتفعيلِ القوانينِ الموجودةِ والمودعةِ في أدراجِ وزارةِ الصحةِ والشؤونِ الاجتماعيةِ داعيا كل مسؤول إلى النظر بعين المسؤولية وبعين الرأفة إلى هؤلاء الأحبة وأن يعتبر معالجة المشكلات التي تعاني منها مؤسَّساتِ وخدماتِ ذوي الاحتياجاتِ الخاصةِ والأيتامِ والفقراءِ والمعوزينَ من الأولويات.
وفي الختام أكد سماحته باننا سويا معاً سنتابعُ حملَ الأمانةِ التي ارتضيناها جاهدينَ في إيصالِ أبنائنا من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى شاطئِ الأمانِ في هذهِ الحياةِ من أجلِ الإنسانِ وفي سبيلِ الله.