مع انطلاق مسيرات العودة على حدود قطاع غزة، وازدياد رقعتها، وفي ظل الإجرام والإستهداف الصهيوني المباشر للمدنيين والمسعفين والصحافيين، انتشرت العديد من الفيديوهات والصور لإستهداف جنود وقناصة الإحتلال الصهيوني بشكل مباشر المدنيين العزل بنيران أسلحتهم الحربية، وتشير الإحصاءات الى استشهاد أكثر من 240 فلسطينيا منذ انطلاق المسيرات في آذار الفائت لكن هذا العدد لا يقارن مع آلاف المتظاهرين الجرحى الذين فقدوا القدرة على ممارسة حياة عادية جّراء الاستهداف المباشر لأطرافهم.
وكان أكثر جزء استهدفته قناصة الاحتلال من أجساد المتظاهرين في غزّة، على مدار ثمانية أشهر من استمرار مسيرات العودة، السيقان، معتبرين تدمير حياة هؤلاء الأشخاص "عملا من أعمال ضبط النفس".
وذكرت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، أنه من بين 10511 متظاهرا أُصيبوا جرّاء قمع قوات الاحتلال لمسيرات العودة السلمية، وعولجوا في مستشفيات وعيادات ميدانية بالقطاع المحاصر حتى الآن، هناك 6392 على الأقل، أي أكثر من 60 في المائة منهم، أصيبوا بالرصاص في سيقانهم، 5884 من هؤلاء الضحايا، أُصيبوا بالرصاص الحي، كما أصيب آخرون برصاص مطاطي وقنابل غاز مسيل للدموع
وتحول مشهد الشبان الذين يسيرون على عكازات في غزّة المحاصرة، إلى مشهد طبيعي قد يستمر لعقود، خصوصا مع أزمة شُح الموارد الطبية اللازمة لعلاج كل هؤلاء، رغم الألم الذي ألحقته قوات الاحتلال لعائلات كاملة جرّاء معاناة أفرادها من هذه الإصابات.
وكثرا ما يمكن رؤية مصابين محتشدين داخل عيادة تديرها منظمة "أطباء بلا حدود"، ومقرها باريس، في مدينة غزة، لُفت سيقان معظمهم بضمادات أو بإطارات معدنية مثبتة لاستخدام "مسامير" في العظام المكسورة لمساعدتها على الالتئام.
ولم يُفرق رصاص الاحتلال بين مُتفرج أو مشارك في المظاهرات أو حتى مسعف، على الحدود، رغم كونه أُطلق بسلاح القناصة، في وضع يبدو فيه بشكل واضح، وكما قالت منظمات حقوق إنسان دولية، أنه ليس هناك خطرا على جنود الاحتلال، خصوصا مع الحواجز الضخمة التي تفصل المتظاهرين عنهم.
وقالت منظمة "أطباء بلا حدود"، في وقت سابق من الشهر الحالي، إن عدد المرضى الهائل طغى على نظام الرعاية الصحية في غزة المحاصرة، والذي تردى بالفعل بسبب الحصار الإسرائيلي-المصري، والذي غذى الركود الاقتصادي ورفع معدل البطالة ودمر إمدادات المياه والكهرباء.
وذكرت منظمة المساعدات ومقرها باريس أن غالبية المرضى التي عالجتهم وعددهم 3117 أصيبوا بالرصاص في السيقان وسيحتاج العديد منهم إلى جراحة متابعة وعلاج طبيعي وإعادة تأهيل.
وأضافت المنظمة "هذه الإصابات معقدة وخطيرة ولا تشفى بسرعة. وتعني شدتها وعدم توفر العلاج الملائم في النظام الصحي المشلول في غزة أن العدوى تعتبر عالية المخاطر، خاصة بالنسبة للمرضى الذين يعانون من كسور مفتوحة".
وقالت منظمة الإغاثة "عواقب هذه الجروح ... ستكون عجزا مدى الحياة بالنسبة للكثيرين. وإذا لم يتم التعامل مع العدوى، يمكن أن تكون نتيجة ذلك البتر أو حتى الموت".
وتقول وزارة الصحة في غزة إنها نفذت 94 عملية بتر للأطراف منذ بدء الاحتجاجات، من بينها 82 حالة شملت الأطراف السفلية.