ما هو الغرق الجاف؟
عندما يسقط طفل أو بالغ في الماء، من الطبيعي أن يستنشق الماء أو يبتلعه وهو في حالة من الذعر. وبمجرد أن يتم إنقاذ هذا الشخص من الماء، يفترض معظمنا أن الخطر قد انتهى. ولكن الحقيقة هي أنه وبعد دخول الماء عن طريق الأنف أو الفم، يمكن لعضلات القصبة الهوائية أن تصبح “مقيدة” كرد فعل دفاعي لحماية الرئتين من دخول الماء إليها. وهي الحالة التي يطلق عليها مصطلح “الغرق الجاف”.
تجدر الإشارة إلى أن معظم الهيئات والمنظمات الطبية لا تُشجع على استخدام مصطلح الغرق الجاف، ولم يتم الاتفاق على مصطلح بديل حتى تاريخ كتابة هذا المقال. يُطلق بعض الأطباء على هذه الحالة “متلازمة ما بعد الغمر” أو “الغرق المتأخر”. بشكل عام، يستخدم الباحثون والأطباء أحياناً مصطلح الغرق الجاف لوصف الحالات التي تترافق مع تخريش الحنجرة (صندوق الصوت) والطرق الهوائية، بسبب دخول الماء إليها؛ وهو الأمر الذي يتسبب في تشنج الحبال الصوتية وانغلاقها. عندما تتشنج الحنجرة الصوتية وتنغلق الطيات أو الحبال الصوتية قد ينتهي الأمر بالسوائل في أماكن لا يجب أن تذهب إليها، مثل الجيوب الأنفية؛ يعيق ذلك دخول الهواء إلى الرئتين فيصبح التنفس صعباً.
ولشرح الأمر بشكل أكثر تبسيطاً، يحدث الغرق الجاف بعد أن يُغمر مجرى الهواء ويتم إغلاقه بسبب ابتلاع واستنشاق الماء (أو أي سائل آخر) بكثرة، وكرد فعل دفاعي – على الرغم من أن السائل قد لا يصل إلى الرئتين – تبدأ الحبال الصوتية بالانكماش فيما يُعرف بتشنج الحنجرة، هذا التشنج أو الانمكاش يؤدي إلى حدوث صعوبة في التنفس، وبالتالي حرمان الجسم من الأوكسجين بشكل تدريجي، فيبدأ المرء بالاختناق ثم الموت. وبمعنى آخر، هذه الحالة هي رد فعل لا إرادي لجسم الإنسان بعد ابتلاع واستنشاق قدر كبير من المياه أو السوائل، ينغلق فيه الجزء العلوي من المجرى التنفسي ويتوقف عن أداء وظيفته، على الرغم من عدم وصول الماء إلى الرئتين بشكل فعلي.
يحدث الغرق الجاف بشكل رئيسي عند الأطفال؛ وعلى الرغم من أن 95% من الأطفال يكونون على ما يرام (بصحة جيدة) بعد الانزلاق بطريق الخطأ تحت الماء. إلا أن توخي اليقظة، والوعي بأعراض الغرق التي يمكن أن تحدث بعد أن يخرج طفلك من الماء ويبدو آمناً وجافاً، هو أمر هام وضروري. ضع في اعتبارك أن الغرق الجاف هو حالة طبية طارئة تتطلب العناية الطبية الفورية.
ما هي أسباب الغرق الجاف عند الأطفال؟
كما ذكرنا في المقدمة، يُقصد بالغرق الجاف الحالات التي سببت الوفاة بعد أكثر من 24 ساعة من ابتلاع أو استنشاق السوائل، بدون أن تظهر على الضحية أي علامات لوجود مشاكل تنفسية. والسبب الأكثر شيوعاً لحدوث الغرق الجاف عند الأطفال هو الوقوع المفاجئ في الماء أو السباحة والغطس بدون إشراف جيد. على سبيل المثال، عندما لا يكون المسبح مسوراً بشكل صحيح، فقد يقفز الأطفال أو ينزلقون باتجاه المياه بكل بساطة. كما تجدر الإشارة أيضاً إلى أن أعراض الغرق الجاف يمكن أن تحدث عند الرضع والأطفال الصغار بعد الاستحمام خلال بضع دقائق إذا لم يتم الانتباه للطفل بشكل جيد أثناء الاستحمام.
مع أي نوع من أنواع الغرق، يؤدي الغَمر أو الانغماس في السائل إلى نقص في وصول الهواء والأكسجين إلى أعضاء الجسم. سبب الوفاة في أي نوع من أنواع الغرق هو نقص الأكسجين في الدماغ، يحدث هذا سواء كان الماء يملأ الرئتين أم لا. الغرق الجاف على وجه الخصوص يحدث بسبب تشنج الحنجرة؛ عندما يتسبب الماء في تهيج المسالك الهوائية، يمكن أن يحدث تشنج الحنجرة، وهو تشنج في الأَحْبال الصوتية يمنع وصول الماء إلى الرئتين، ولكنه في المقابل يتسبب أيضاً بعدم وصول الهواء والأوكسجين إلى الرئتين؛ الأمر الذي يتسبب بعدم القدرة على التنفس (عدم وصول الماء إلى الرئتين هو السبب في إطلاق مصطلح الغرق الجاف على هذه الحالة).
الأعراض:
تعتبر معرفة الأعراض والعلامات المتعلقة بمتلازمة الغرق الجاف أمراً هاماً وضرورياً، وخاصةً بالنسبة لـ الآباء. عادةً ما تُلاحظ العلامات التحذيرية لهذه الحالة في غضون ساعة بعد الخروج من الماء. كما أوضحنا أعلاه، يؤدي الغرق الجاف إلى انسداد الأَحْبال الصوتية الموجودة فوق القصبة الهوائية؛ هذا التأثير يسمى تشنج الحنجرة (ينجم عن دخول الماء إليها). يمكن أن يكون تشنج الحنجرة خفيفاً، مما يجعل التنفس صعباً؛ أو قد يكون شديداً، فيمنع أي أكسجين من الدخول إلى الرئتين أو الخروج منها.
تشمل الأعراض التي يجب مراقبتها ما يلي:
صعوبة في التنفس أو التحدث.
التهيج أو السلوك غير العادي.
السعال المستمر.
ألم في الصدر.
التقيؤ.
انخفاض الطاقة أو النعاس بعد الخروج من المياه.
المصدر: توعية